
في بيت من بيوت الله، وأمام أعين الناس، تقع مشادة وتطاول وردح بين نائب محافظ سوهاج والسكرتير العام للمحافظة، وفي حضور معالي المحافظ نفسه ،ثلاثة مسؤولين في موقع القرار، بدلاً من أن يكونوا قدوة في الانضباط والاتزان، قدموا أسوأ نموذج لغياب المسؤولية وانعدام الأخلاق ،لم تكن الواقعة مجرد “خناقة”، بل إهانة مباشرة لفكرة الدولة ومكانة مؤسساتها.
ما حدث لا يمكن تبريره ولا تجاوزه،وإذا كنا جادين حقًا في احترام هذا الوطن، فلابد من إقالة الثلاثة فورًا، دون تردد ،الاحترام لا يفرض على الناس بالشعارات، بل بالمواقف ،وهيبة الدولة تبدأ من سلوك مسؤوليها، لا من المكاتب واليافطات.
المطلوب أكثر من مجرد الإقالة ،نحتاج إلى تحقيق شفاف ومعلن، لا يقتصر على الواقعة، بل يشمل أيضًا من رشح واختار هؤلاء ،من وضعهم في مواقعهم؟ وعلى أي أساس؟ وهل كانت الكفاءة والأخلاق ضمن معايير الاختيار أصلاً؟ أم أن المناصب أصبحت تمنح وفق الولاءات والعلاقات لا حسب المسؤولية؟
السؤال الأخطر: لماذا أصبحت المناصب العامة بهذا الرخص؟ لماذا لم يعد المنصب يلزم صاحبه بشيء من الاحترام للناس والمكان؟ كيف وصلنا إلى هذا الانحدار؟
الأخلاق قبل كل شيء. قبل الخبرة، قبل المؤهلات، قبل الخطط والاستراتيجيات.. من لا يملك حس المسؤولية والانضباط الأخلاقي، لا مكان له في جهاز الدولة ،لأن من يسيء إلى صورة الدولة من الداخل، يدمر ما تبنيه الدولة بكل جهدها في الخارج.
ما حدث في سوهاج ليس حادثة معزولة، بل عرَض لمرض. ولعلاج هذا المرض، لا نحتاج إلى التجميل، بل إلى مواجهة حقيقية وجريئة: لا مناصب بلا أخلاق.