الفن والثقافة

أبطال وصنّاع حكاية «Just You»: أردنا كسر القوالب التقليدية


لاقت حكاية «Just You» من مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو» تفاعلا كبيرا مع عرضها مؤخرا، وهى إحدى حكايات المسلسل الذى يتكون من 7 حكايات، يُعرض كل منها على مدار خمس حلقات، حيث تم عرض ثالث الحكايات، بطولة تارا عماد، عمرو جمال، بسمة داود، وفاء صادق، الحكاية من تأليف محمد حجاب، وإخراج جمال خزيم، وتدور الأحداث حول سارة، الصحفية التى تتلقى رسائل غامضة عبر تطبيق «واتساب» من رقمها الشخصى، لتكتشف أنها تكشف وقائع ستحدث فعلًا فى المستقبل، وبينما يرفض المحيطون بها تصديق الأمر، تتحقق صديقتها نهى من صحة هذه الرسائل، لتدخل سارة فى دوامة من القلق والرعب وسط تصاعد وتيرة الغموض والتشويق، وتحدث أبطال وصناع الحكاية عن تفاصيل العمل وكواليس التصوير، وعن دوافعهم للمشاركة فى هذا المشروع الذى حمل حكاية منفصلة، كما استعرضوا شخصياتهم وكيف استعدوا لتجسيدها.

وكشفت الفنانة تارا عماد، بطلة حكاية «Just You»، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، عن تفاصيل شخصيتها فى الحكاية وتجربتها مع فريق العمل وقالت: «شخصية سارة، صحفية ذكية وموهوبة جدًا فى عملها، لكنها فى الوقت نفسه حساسة للغاية، تبدو قوية أمام الناس، بينما تخفى فى داخلها الكثير من الخوف والضعف، هذه التركيبة المعقدة للشخصية كانت أكثر ما جذبنى لها، وشعرت أنها فرصة مختلفة ومليئة بالتحديات». وأضافت: «درست الصحافة لفترة من حياتى، ووالدتى أيضًا كانت صحفية، وهذا ساعدنى كثيرًا فى فهم تفاصيل الشخصية، من أسلوبها فى الكتابة وحركاتها وحتى طريقة ملابسها وتركيزها فى التفاصيل الصغيرة».

وعن بداية ارتباطها بالعمل، أوضحت: «عندما قرأت الحلقة الأولى تحمست جدًا، وأكملت قراءة الخمس حلقات الخاصة بى فى جلسة واحدة دون توقف، بعدها تواصلت فورًا مع فريق العمل وقلت لهم: (أنا معكم). أعجبتنى الفكرة التى تؤكد أن ما نراه ليس بالضرورة الحقيقة الكاملة».

وعن أصعب ما واجهته، أكدت «تارا» أن التحضيرات كانت التحدى الأكبر: «الشخصية لم تكن سهلة أبدا، وأول يوم تصوير كان مليئا بالمشاهد الثقيلة والدسمة جدًا، شعرت وكأننى أعوم فى مياه ثقيلة، لكن بمجرد انتهاء اليوم، أحسست أننى وضعت الأساس الصحيح للشخصية لبقية الحلقات». وأضافت «تارا» أنها جلست كثيرا مع المخرج لفهم البعد النفسى لـ«سارة»، بل وكتبت يوميات قصيرة وكأنها بطلتها، لتتعرف أكثر على مشاعرها الداخلية، مشيرة إلى أنها استعانت أيضا بعدد من أصدقائها الصحفيين لاكتشاف تفاصيل المهنة من زوايا غير مرئية للجمهور.

وعن العمل مع فريق من الشباب، قالت: «أحب التعاون مع أجيال مختلفة، سواء ممثلين كبار أو شباب، والجميل أن كل شخص فى العمل حصل على فرصة حقيقية ليظهر موهبته، لم أرها مجازفة بل تحديًا جميلًا». وحول المنافسة بين أبناء جيلها من الشباب، قالت: «المنافسة موجودة فى كل المجالات، لكن الأهم أن تكون منافسة صحية، تدفعك للأفضل، حين أرى ممثلًا يقدم دورًا عظيمًا، أشعر بالإلهام وأقول: (أنا عايزة أعمل حاجة زى كده أو مختلفة بنفس الجودة)».

وعن تعاونها مع الفنان عمرو جمال، قالت «تارا»: «أعرف عمرو منذ حوالى 10 سنوات من أيام الورش الفنية، وكنا معًا أيضًا فى (سوتس بالعربى)، لكن هذه أول مرة نعمل معًا بهذا الشكل القوى فى عمل درامى، وأنا سعيدة جدًا برؤيته يطور نفسه باستمرار بلا سقف لطموحه».

وحول تعاونها مع المخرج جمال خزيم، أوضحت تارا: «من المهم جدًا لأى ممثل أن يشعر أن المخرج سند له، وفى (Just You) شعرت أن المخرج فتح لى مساحات واسعة للإبداع، وكان دائمًا يشجعنى على التجريب، وهذا منحنى راحة وثقة أكبر أثناء التصوير».

وعن أكثر لحظة لا تنساها خلال الكواليس، قالت: «هناك مشهد معين بكيت بعد انتهائه، ليس بسبب صعوبته فقط، بل لأننى عشت مشاعر (سارة) كما لو كانت حقيقية، هذه اللحظة جعلتنى أؤمن أننى على الطريق الصحيح مع الشخصية».

وحول مدى تأثير الأدوار النفسية على الممثل، أكدت: «بالتأكيد، هذه الأدوار تستهلك طاقة كبيرة من الممثل، وأحيانًا أخرج من التصوير وأنا ما زلت أحمل هموم الشخصية، لذلك أتعلم دائمًا كيف أفصل بين حياتى الشخصية والعمل».

واختتمت «تارا» أنها تتمنى أن تكون رسالة المسلسل قد وصلت للجمهور، قائلة: «الحكاية تقول إن ما نراه ليس دائمًا الحقيقة الكاملة».

من جانبه، قال الفنان عمرو جمال فى تصريحات لـ«المصرى اليوم إن تجربته مع حكاية«Just You» بدأت عندما تواصل معه المنتج كريم أبوذكرى وأرسل له السيناريو، مشيرًا إلى أنه بمجرد قراءته شعر بشغف كبير تجاه العمل، لافتًا إلى أنه قبلها بيومين فقط كان فى جلسة مع صديقة مخرجة يتحدثان عن فكرة مشابهة لمضمون العمل، وهى أن كل إنسان يرى الحقيقة من زاويته الخاصة. وأضاف: «عندما وصلنى السيناريو بهذا العنوان تقريبًا، شعرت أن هناك إشارة بأننى يجب أن أشارك فى الحكاية».

وعن تفاصيل شخصيته، أوضح: «سليم، نائب رئيس تحرير جريدة، تجمعه علاقة عاطفية بالصحفية سارة (التى تقدمها تارا عماد)، الشخصية تحمل مزيجا من الواقعية والرومانسية، وفى الوقت نفسه تنخرط فى الأحداث المليئة بالغموض والتشويق، التحضيرات بدأت من خلال جلسات مكثفة مع المخرج جمال خزيم لمناقشة تفاصيل الشخصية ومفاتيحها، إلى جانب الاستعانة بخبراتى السابقة المرتبطة بعالم الصحافة والإعلام». وحول التحضير للدور، قال: «لم أجلس مع صحفيين بشكل مباشر، لكننى لست غريبًا عن هذا العالم، لدى أصدقاء كُثر يعملون فى الصحافة والإعلام، وبعضهم مذيعون، قبل سنوات قدمت دور معدّ برامج، وقتها أجريت أبحاثًا كثيرة عن تفاصيل العمل الإعلامى، وهذا جعلنى ملمًا بطبيعة هذه الشخصيات، لذلك عندما جاء دور سليم، كان الأمر أكثر سلاسة».

وعن كواليس العمل مع تارا عماد، قال: «هذه ليست المرة الأولى التى نلتقى فيها، فقد عملنا سويًا فى (سوتس بالعربي)، لكن المختلف هنا أن لدينا مشاهد مشتركة أكثر وأعمق، وعلى المستوى الشخصى والمهنى أحب تارا كثيرًا وأراها موهوبة جدًا، وفى Just You قدمت شخصية مركبة وصعبة، وبرعت فى إبراز معاناة البطلة، وجود ممثل موهوب أمامك يجعل أداءك أقوى بلا شك».

وحول ردود الأفعال، قال عمرو: «التفاعل فاق توقعاتى، كنت أتابع يوميا عبر السوشيال ميديا النقاشات بين الجمهور، بعضهم يضع توقعات معقدة وكأنهم يشاركوننا الكتابة، وهذا دليل على أن العمل نجح فى جذب اهتمامهم، بالنسبة لى، أعتبر هذا الدور بداية جديدة مع الجمهور، لأن مساحة الشخصية وتفاصيلها سمحت لى بأن أظهر جوانب تمثيلية مختلفة عن أدوارى السابقة».

وعن رأيه فى المسلسلات القصيرة، أوضح: «أنا مؤيد تمامًا للفكرة، نحن نعيش فى عصر المشاهد السريع أو كما أسميه المشاهد (الملول) الذى يريد قصة مكثفة ومباشر،. Just You مثال حى على أن القصة لو طولت بلا داعٍ لفقدت جزءا من قوتها، معظم أعمالى الأخيرة كانت بين 10 و15 حلقة، ولم أشارك فى مسلسل من 30 حلقة منذ سنوات، أعتقد أن المستقبل سيكون أكثر لصالح الحكايات القصيرة عالية الجودة». وعن تعاونه مع المخرج جمال خزيم، قال: «من أول لقاء معه شعرت براحة نفسية، وهو ما اعتبره شرطًا أساسيًا لنجاح أى تعاون. جمال خزيم مخرج مريح جدًا ويمنح الممثل مساحة للإبداع، هذه الراحة انعكست على أجواء الكواليس، خاصة أن علاقتى الجيدة مع تارا ساعدت أيضًا فى أن يكون الجو العام ممتعًا ومثمرًا».

وحول رؤيته للمنافسة قال: «لا أؤمن بالمنافسة فى الفن إطلاقًا، قد تكون المنافسة مطلوبة فى الرياضة، لكن الفن شىء مختلف، أنا أمثل لأننى أحب التمثيل، وأبحث عن الاستمتاع بالرحلة، وليس عن المركز الأول، لا يعنينى أن أكون الأكثر شهرة أو الأكثر تصدرا للتريند، الأهم أن أكون صادقا مع نفسى والجمهور، الله لم يضع فى قلبى حب المنافسة فى الفن، لذلك أتعامل مع كل عمل باعتباره فرصة جديدة للتعلم والتطور لا أكثر».

وقال المخرج جمال خزيم فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»: «بدأت الاستعدادات لحكايةJust You قبل نحو سبعة أشهر، أى قبل الموسم الرمضانى الماضى، وكان النص مكتملًا منذ البداية، وهذه ميزة كبيرة لأى مخرج، لأن امتلاك صورة واضحة من أول مشهد حتى آخر مشهد يساعد كثيرًا فى وضع خطة بصرية ودرامية دقيقة، من اللحظة الأولى شعرت أن الحكاية تستحق مجهودًا كبيرًا لأنها مختلفة فى طرحها».

وعن اختياره للعمل مع المنتج كريم أبوذكرى، أوضح «خزيم»: «الأمر جاء بالصدفة، كنت مشغولًا بمشروع آخر، وأثناء لقائى معه عرض علىّ فكرة تأجيل المشروع والدخول فىJust You، وبمجرد أن قرأت الورق شعرت بجذب كبير تجاه القصة، فهى مكتوبة بعناية وتحمل فكرا جديدًا». وأضاف: «ما يميز الحكاية بالنسبة لى أن الورق مكتوب بروح مختلفة، بعيدًا عن النمط التقليدى، والإنتاج لم يضع أى قيود، بل منحنى حرية كاملة، وهو أمر نادر جدًا، إضافة إلى أن طبيعة الحكاية القصيرة (5 حلقات) أعطتنا فرصة للسرد المكثف دون مط أو حشو». وعن تفضيل الجمهور للأعمال القصيرة، قال: «الجمهور اليوم يميل إلى الحكايات المركزة، لم يعد لديه شغف دائمًا بمتابعة 30 حلقة، بل يريد محتوى سريع الإيقاع وغنى بالتفاصيل، وأعتقد أن هذا الاتجاه سيزداد خلال السنوات المقبلة».

وكشف «خزيم» عن أزمة اختيار الممثلين: «رغم أننا بلد يضم أكثر من 125 مليون مواطن، إلا أن عدد الوجوه الموجودة فى الساحة قليل جدًا، نقضى وقتًا طويلًا فى البحث عن أسماء مناسبة رغم وجود طاقات هائلة بين خريجى المعاهد والورش، الأزمة ليست فى قلة المواهب، بل فى غياب الفرص الحقيقية لهم».

وحول المنافسة بين المخرجين، قال: «لا أحب كلمة منافسة، هدفى ليس السباق، بل تقديم أعمال تليق بالجمهور وتُظهر أن مصر بلد السينما الأولى فى المنطقة، بالنسبة لى العمل الفنى مسؤولية حضارية قبل أن يكون مجرد منتج للعرض».

وأكد: «الدعم الإنتاجى الذى تلقيته فى هذا المشروع كان كبيرًا، ولم أواجه أى عائق، بل على العكس، كان هناك حرص على تهيئة الظروف لتقديم أفضل صورة ممكنة».

وعن اسم المسلسل «ما تراه ليس كما يبدو»، علق خزيم: «الاسم مختلف وجذاب لأنه ليس مألوفًا، يحمل غموضًا ويفتح باب التساؤل، وهذا عنصر جذب قوى للجمهور». واختتم: «أتمنى أن يلمس المشاهد حجم الجهد المبذول فى كل تفصيلة، من القصة إلى الإخراج إلى الأداء التمثيلى، وأن يدرك أن هدفنا لم يكن الترفيه فقط، بل تقديم محتوى يليق بتاريخ مصر السينمائى الطويل.

وقال المؤلف محمد حجاب، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، إن فكرة حكاية «Just You» جاءت من شغفه الدائم بعلم النفس إلى جانب دراسته الطبية، موضحا: «كنت مهتما بقراءة الكثير عن اضطرابات الذهان وأشكاله المختلفة، وأكثر ما لفت انتباهى أن بعض المرضى قد يصلون إلى مرحلة يخلق فيها العقل عالما موازيًا كاملًا يعيشونه وكأنه واقع حقيقى، هذه النقطة بالتحديد ألهمتنى ككاتب وشعرت أننى أستطيع توظيفها دراميًا ليعيش المشاهد التجربة وكأنه بداخلها».

وأضاف: «غالبًا ما يختزل الذهان فى الدراما بالهلوسة السمعية أو البصرية فقط، لكن الحقيقة أعمق بكثير، فهناك ما يسمى بالنوبة الذهانية شديدة الوطأة، وفيها يفقد المريض الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال، ويعيش أحداثًا كاملة يعتقد أنها وقعت بالفعل»، مؤكداً إلى أن هذا ما حرص على نقله داخل العمل.

وعن انعكاس ذلك على شخصية «سارة»، قال: «حرصت أن يرى المشاهد العالم من منظورها، لا أن يراقبها من الخارج فقط، فيعيش التباسها بين الواقع والخيال، ثم تأتى لحظة الانكشاف فى النهاية ليكتشف مع البطلة أن الكثير مما رآه لم يكن سوى انعكاس لحالة ذهانية معقدة».

وأكد أن الحكاية تحمل رسالة توعية غير مباشرة حول الصحة النفسية: «لم أسع إلى تقديم محاضرة طبية، لكننى حاولت أن أقدم صورة واقعية تجعل المتلقى يشعر بمعاناة من يمر بمثل هذه الحالات، وأؤمن أن الدراما قادرة على فتح وعى مجتمعى بأن المرض النفسى ليس ضعفًا فى الشخصية، بل اضطراب يحتاج إلى علاج وفهم ودعم». وعن أبرز التحديات التى واجهته قال: «أصعب ما واجهنى هو الموازنة بين الدقة الطبية والبعد الدرامى، كنت حريصًا ألا أقدم صورة مغلوطة، وفى الوقت نفسه أحافظ على التشويق والإثارة حتى النهاية، وهذا هو جوهر الدراما النفسية أن يعيش المشاهد الصراع كأنه جزء منه».

واختتم: «بالتأكيد سأواصل طرق هذه النوعية من الموضوعات، فأنا مهتم جدًا بالدراما التى تتناول أعماق النفس البشرية، وأرى أن هناك مساحات واسعة لم تُستكشف بعد فى الدراما العربية، ليس فقط فى الذهان بل فى اضطرابات أخرى يعيشها كثيرون فى صمت».







Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts