أخبار مصر العروبة

التعديلات الجوهرية في مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد رؤية تشريعية حديثة لتحقيق التوازن الأسري


مقال – بقلم المستشار خالد خلاف



يشهد قانون الأحوال الشخصية المصري تطورا جوهريا من خلال مشروع قانون جديد يعكس رؤية تشريعية حديثة تهدف إلى تحقيق التوازن بين حقوق جميع أفراد الأسرة، عبر معالجة الثغرات القانونية في التشريعات السابقة، وإدخال أحكام أكثر عدالة وإنصافا.

مرت منظومة الأحوال الشخصية في مصر بعدة مراحل تشريعية بدأت بالقانون رقم 25 لسنة 1920 الذي نظم أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية، وتبعه القانون رقم 25 لسنة 1929 الذي تناول قضايا الطلاق والعدة. لاحقا، جاء القانون رقم 100 لسنة 1985 ليجري تعديلات جوهرية على القوانين السابقة، ثم القانون رقم 1 لسنة 2000، الذي أقر إجراءات جديدة للتقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، وأدخل نظام الخلع كوسيلة لإنهاء العلاقة الزوجية بناءً على رغبة الزوجة. وفي عام 2004، صدر القانون رقم 10 الذي استحدث محاكم الأسرة، مما ساهم في تسريع إجراءات التقاضي وتوفير بيئة مناسبة لحل النزاعات الأسرية.

ومع تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية، برزت الحاجة إلى تعديل هذه القوانين لتواكب المستجدات المجتمعية. استجابة لهذه المتغيرات، وجهت القيادة السياسية بتشكيل لجان قانونية متخصصة الدراسة أوجه القصور في القوانين السارية، وتم إعداد مشروع القانون الجديد ليقدم حلولا عادلة وشاملة لكافة الأطراف.

أحد أبرز التعديلات التي يتضمنها المشروع هو إعادة ترتيب أولويات الحضانة، حيث أصبح الأب في المرتبة الثانية مباشرة بعد الأم، بعد أن كان يأتي في ترتيب متأخر ويهدف هذا التعديل إلى تعزيز دور الأب في حياة الطفل وضمان مصلحة الصغير الفضلى. كما أبقى المشروع على سن الحضانة عند 15 عاما للصغير والصغيرة، مع إعطاء القاضي سلطة تقديرية لمد فترة الحضانة إذا اقتضت مصلحة الطفل الفضلى ذلك بالإضافة إلى ذلك الزم المشروع الزوج بتوثيق الطلاق الشفهي خلال 15 يوما من وقوعه، مع فرض عقوبات جنائية في حال عدم الالتزام، وذلك لحماية حقوق الزوجة والأبناء وتقليل النزاعات الناجمة عن الطلاق غير الموثق. كما يلزم المأذون الشرعي بإبلاغ الزوجة بالطلاق الغيابي خلال 15 يوما، مما يعزز الشفافية في العلاقات الزوجية ويضمن للزوجة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.

وفيما يتعلق بحقوق الآباء غير الحاضنين، قام المشروع بتعديل نظام الاستزارة، حيث يمنح غير الحاضن حق لقاء الأطفال لمدة تصل إلى 10 ساعات شهريًا و 15 يوما سنويا. وفي حال امتناع الأب عن إعادة الطفل بعد الاستزارة، يحرم من هذا الحق مستقبلا. كما استحدث المشروع نظام الرؤية الإلكترونية، الذي يسمح لغير الحاضن بالتواصل مع أطفاله عبر الوسائل الرقمية، خاصة في حالات السفر أو الإقامة خارج البلاد، مما يعكس مواكبة المشرع للتطورات التكنولوجية ويضمن استمرارية العلاقة بين الأبناء ووالدهم غير الحاضن.


كما ينص المشروع على أن الأم هي الوصي الطبيعي على الأبناء بعد وفاة الأب، متقدمة بذلك على الجد، وهو تعديل يهدف إلى ضمان حقوق المرأة وحماية الأطفال من النزاعات المحتملة بشأن الوصاية، بما يحقق الاستقرار الأسري.

تعكس التعديلات الجديدة العديد من أوجه القوة، حيث تضمن تحقيق المصلحة الفضلى للطفل عبر توفير استقرار نفسي واجتماعي أكبر، وتعزز حقوق المرأة عبر منحها ضمانات أقوى فيما يتعلق بالحضانة والوصاية، مما يقلل من النزاعات القضائية. كما يواكب المشروع التطورات التكنولوجية من خلال إدخال نظام الرؤية الإلكترونية، ما يعكس استجابة تشريعية لمتطلبات العصر الحديث. من جهة أخرى، فإن إلزامية توثيق الطلاق وإبلاغ الزوجة به فور وقوعه، يسهمان في تقليل المنازعات الناتجة عن عدم العلم بوقوع الطلاق.

يعد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد خطوة إيجابية نحو تحقيق العدالة الأسرية، حيث يهدف إلى صياغة بيئة قانونية متوازنة تضمن حقوق جميع الأطراف، وتواكب المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، بما يعزز استقرار الأسرة المصرية.

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts




الخميس المقبل ..صالون الرواد بنقابة الصحفيين يقيم حفل توقيع لرواية ” الكحكح ” للأديب والكاتب الصحفى عادل سعد .. ونقيب الصحفيين يمنحه شهادة تقدير عن مجمل أعماله


يقيم صالون الرواد بنقابة الصحفيين فى الواحدة بعد ظهر  يوم الخميس المقبل 6 فبراير 2025 حفل توقيع رواية  ” الكحكح ” للزميل الاديب عادل سعد ، و هى الرواية الفائزة بجائزة الطيب صالح للأدب عن عام 2023  ، وذلك بقاعة طه حسين بالدور الرابع بمقر نقابة الصحفيين .

وقد وجهت إدارة الصالون برئاسة الكاتب الصحفى محمود الشيخ ، والكاتب الصحفى سعيد جمال الدين سرحان ، أمين عام الصالون  ، الدعوة إلى أصدقاء وزملاء وتلاميذ الكاتب الصحفى الكبير الأديب عادل سعد للمشاركة فى هذا الحفل بعد تسبب المرض فى عدم تواجد سعد بالقاهرة وبقاءه فى أسيوط وسط عائلته لإستكمال مراحل العلاج .

وعقب مراسم  حفل التوقيع الذى يشارك فيه الكاتب الصحفى خالد البلشى ، نقيب  الصحفيين ، وأعضاء مجلس النقابة،  سيتم تكريم عادل سعد ، وإهداءه شهادة تقدير من النقابة عن معاصرته للعديد من الأحداث ودوره البارز فيه فى عالم الصحافة والإعلام ومجمل أعماله  .

كما سيقوم مسئولى رابطة الرواد بالنقابة برئاسة الكاتب الصحفى مصطفى عبد الخالق ، والكاتب الصحفى حامد ذهنى ، نائب رئيس الرابطة ، والكاتب الصحفى محمود الشيخ ، سكرتير عام الرابطة بإهداءه علم الرابطة تقديراً لجهوده ومساهماته الصحفية والأدبية.
وعقب ذلك سيقوم الكاتب الصحفى والأديب عادل سعد بالحديث  فى صالون الرواد عن الرواية الفائزة ” الكحكح ” بعدما تم رفع الحظر عنها وخروجها للنور وطبعها وفقاً لقواعد وضوابط جائزة الطيب صالح العالمية .

ويقول عادل سعد ، عن روايته “الكحكح” إنها تتحدث عن عصابة من ستة مسنات وحيدات كلهن تجاوزن الـ 85 من العمر، ويعدون الأيام فى انتظار الموت فيقررن الحياة وفقًا لدستور وجدول، بحيث تستضيف كل واحدة منهن زميلاتها يومًا فى الأسبوع، من العاشرة صباحا حتى العاشرة مساءً.

وتطبخ لهن المأكولات ليعشن بعيدا عن هذا العالم ويرقصن “التويست” و”التشاتشا” ويلعبن الكوتشينة ويدخلن السينما ويشاهدن مباريات الكرة وأفلام أودرى هيبورن ورشدى أباظة وسعاد حسنى ويتبقى يوم للاستراحة ونظافة البيت.

أما عن عنوان “الكحكح”،  فيقول عنها الأديب عادل سعد فقد تحققت بالمصادفة داخل الرواية، فقد طلبت إحدى المسنات من مدرسة لغة عربية توصيفا لغويا لحالتهن، فقالت لهن إن لقمان الحكيم قال: ” يابنى إن أباك قد فنى وهو حى وعاش حتى سئم العيش ..الخ ” لكنهن اعترضن وطلبن وصفا للنساء وبعد بحث فى لسان العرب عادت لهن بعنوان: الكحكح ومعناها فى القاموس المرأة إذا تجاوزت 85 عاما وصارت الكلمة اسمهن الرسمى ويتندرن بها على عصابتهن.

ويستطرد سعد قائلاً  : فى الحقيقة لم أكن أتوقع الحصول على جوائز وتقدمت للحصول على جائزة الطيب صالح لأننى مرتبط عاطفيا بتجربة الأديب السودانى الكبير وأعرف انهم يتعاملون بلا هوادة مع لجان التحكيم لضمان شفافية ونزاهة اللجان، وأعتقد أن الشفافية تلك تضع جائزة الطيب فى مكانة أعلى من كل جوائز العرب.