مقالات

المتحف اليوناني – الأسبوع


تهاني تركي

تهاني تركي

زيارة الإسكندرية غالبًا ما تكون مليئة بتفاصيل التفاعل مع مكونات تلك المدينة الآسرة عاصمة الثغر، وعروس البحر المتوسط، كل شارع وكل محل له حكاية يجب أن تروى، هى مدينة متفردة تجمع بين كونها وجهة ترفيهية بعد أن تضاءل دورها كمصيف، وكونها مدينة تاريخية تضم بنايات وآثارًا ومتاحف تحكي عن فترات تاريخية هامة، اعتدت كلما زرتها أن أقصد متحفًا من المتاحف، حيث زرت من قبل المتحف الملحق بمكتبة الإسكندرية، ومتحف المجوهرات الملكية، وفى كل مكان منهم وجدت الكثير من المعارف وشدني للمزيد مما يلفت الاهتمام.

منذ شهرين تقريبًا زرت الإسكندرية، وكان جوها الربيعي فى ذلك الوقت من العام أكثر ما يضفي على التنقل مزيدًا من السهولة والراحة، بالإضافة إلى عدم اكتظاظ شوارعها بالمصطافين كما هو الحال مع بداية أشهر الصيف، كانت هى المرة الأولى التى أزور فيها المتحف اليوناني- الروماني والذى يوجد فى أحد شوارع وسط المدينة، تحيطه ساحة شاسعة الاتساع عند البابين الرئيسيين منع فيهما سير السيارات أو الانتظار، بينما تراصت المقاعد الحجرية والمظلات، التى يأوى إليها كل من أراد التقاط أنفاسه بعد زيارة حتمًا ستكون طويلة بين جنبات ساحات العرض المتحفي التى تمتد عبر طابقين.

المبنى من الخارج يتميز بحوائطه شاهقة الارتفاع تعلوه لافتة كبيرة تحمل اسم المتحف، وعلى أحد الجوانب يقع شباك التذاكر، وعبر درج واسع يمكنك أن تدلف من الباب الرئيسي حيث المرور عبر البوابات الاليكترونية، ويحتوى الدور الأرضي على 27 قاعة، مضاءة جميعًا بأضواء خافتة تنعكس على الحوائط ذات الألوان الزاهية، لتشكل مع الأثر لوحة فائقة الإبهار، القطع الأثرية وضعت وفقًا للترتيب التاريخي، بداية من عصر ما قبل الإسكندر الأكبر فى القرن الخامس قبل الميلاد، وحتى العصر البيزنطي فى القرن السادس قبل الميلاد، وسميت القاعات باسم قاعة النيل، والأجورا، والصناعة والتجارة والفن السكندري ومنطقة كوم الشقافة والمنحوتات السكندرية، بالإضافة إلى مكتبة للكتب النادرة، كما توجد فى الفناء الداخلي تماثيل عملاقة.

يحتوي المتحف على 6 آلاف قطعة أثرية عرضت بطريقة تم فيها المزج بين الحضارات المصرية القديمة واليونانية والرومانية والقبطية والبيزنطية، ويشمل عرض شكل الحياة اليومية بالإسكندرية بشكل عام، وكذلك التبادل التجاري والحرف المصرية من العاج والحلي والعظم والتى كانت منتشرة فى ذلك الوقت.

تبلورت فكرة إنشاء المتحف في عام 1891 حفاظًا على الإرث الثقافي لمدينة الإسكندرية، خصوصًا مع تحقيق العديد من الاكتشافات الأثرية بها منذ عام 1878، لذا اختير موقعه الحالي، وبنى المهندسان الألماني ديتريش، والهولندي ليون ستينون مبنى المتحف على طراز المباني اليونانية، ليُفتتح في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في عام 1895، وسُجّل في عام 1983 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

يعد المتحف اليونانى الرومانى من أكبر متاحف الإسكندرية، وتم البدء فى أعمال الترميم فى 2018 حتى تم الانتهاء منه بالكامل وافتتاحه مجددًا.

زيارة المتاحف والتعرف على فترات تاريخية هامة فى تاريخ الوطن تثري المعارف، وتعزز روح الانتماء، ليتنا نحرص على تكثيف الرحلات المدرسية للطلاب ابتداءً من المرحلة الإعدادية، وأسعار التذاكر مخفضة للطلاب، ولا تتجاوز عشرين جنيهًا فقط، وهناك استثناءات بالدخول المجاني لكبار السن وأصحاب الهمم، فذلك أمر مطلوب فى مواجهة موجة التدهور الأخلاقي التى راجت عبر وسائل التواصل الاجتماعي فى الآونة الأخيرة.


Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts