ومنذ أكثر من أسبوعين أعلنت إسرائيل إغلاق المعابر المؤدية للقطاع والتي تستخدم لنقل المساعدات الإنسانية والغذائية لغزة، ما حرم أكثر من مليوني شخص من الحصول على تلك المساعدات، في ظل عدم قدرتهم على اقتنائها من الأسواق بسبب منع ادخال السلع التجارية.
ويعتمد سكان القطاع منذ أكثر من عام ونصف على المساعدات الغذائية والتكيات الخيرية في توفير احتياجاتهم اليومية، وذلك على إثر الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشونها نتيجة للحرب، فيما يهدد قرار إغلاق المعابر بعودة المجاعة لغزة.
نقص الغذاء
وقال عصمت أبو ريالة، أحد سكان القطاع، إنه اعتاد الحصول على الطعام من أحد التكايا الخيرية منذ بداية الحرب بسبب عدم مقدرته على توفير الطعام لعائلته، خاصة في ظل نقص الأغذية وانعدام القدرة الشرائية وتفشي البطالة.
وأوضح أبو ريالة، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه وبعد قرار إسرائيل إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات أغلقت عدد من التكايا التي تزود السكان سواء النازحين أو المقيمين على ركام المنازل المدمرة، ما أدى لنقص الأغذية على عائلته وجميع السكان.
وأشار إلى أنه منذ أيام لم يحصل على وجبة طعام كافية لعائلته، وهو حال العديد من الجيران الذي يواجهون نفس المعاناة، مشددًا على أنه بدون التكايا الخيرية والطرود الغذائية فإن الآلاف من سكان القطاع سيموتون جوعًا.
توقف عن العمل
وأكد محمد الأخرس، مسؤول تكية الخير في غزة، إنه اعتاد خلال الأشهر الماضية على إعداد المئات من الوجبات الغذائية وطبخ كميات كبيرة من الطعام تكفي لآلاف العائلات، مبينًا أن إغلاق المعابر أجبره على تقليص تلك الكميات.
وقال الأخرس، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “ما يحصل عليه من المؤسسات الدولية قليل للغاية مقارنة بما كان يحصل عليه والمعابر مفتوحة”، مشيرًا إلى أن ما ينتجه في الوقت الحالي لا يكفي إلا لعدد أقل من نصف المستفيدين من تكيته.
وأشار إلى أن “إغلاق بعض التكايا المجاورة زاد من الضغط على التكية التي يشرف عليها، وأن المئات من السكان يعودون بعد انتظار لوقت طويل دون الحصول على وجبة إفطار لعائلاتهم”، متابعًا “إسرائيل تحارب السكان بسلاح الجوع وتستغل شهر رمضان في ذلك”.
وزاد “كما أننا اضطررنا لتقليص المساعدات والطرود الغذائية التي كنا نقدمها للسكان بين الحين والآخر، بسبب نفاد المخزون لدى الكثير من المؤسسات الدولية”، محذرًا من مخاطر تفشي الجوع والمجاعة في مختلف مناطق القطاع.
واقع إنساني صعب
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة حماس بغزة، فإن “منع إدخال المساعدات يؤدي لتدهور الواقع الإنساني على الصعيد المعيشي والصحي والبيئي”، مبينًا أن ذلك تسبب في نفاد السلع التموينية والمواد الغذائية الأساسية.
وأشار المكتب، في بيان له، أن “غالبية التكيات الخيرية توقفت عن العمل بسبب عدم توفر المواد التموينية، الأمر الذي حرم آلاف الأسر التي كانت تعتمد عليها في توفير قوت يومها، إلى جانب عودة آلاف الأسر لاستخدام الحطب بدلًا من غاز الطهي.
وأضاف “الأيام المقبلة ستحمل معها المزيد من تدهور الواقع الإنساني المنكوب على الصعيد المعيشي والصحي والبيئي، مع عودة شبح المجاعة وانعدام الأمن الغذائي والمائي، وانهيار المنظومة الصحية بشكل شبه تام”.
توقف الخدمات
وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية، أمجد الشوا، إن “معظم المنظمات والجمعيات الإنسانية توقفت عن تقديم خدماتها الإغاثية لأكثر من مليوني إنسان من سكان قطاع غزة”، مرجعًا ذلك إلى قرار إسرائيل إغلاق معابر القطاع.
وأوضح الشوا، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “ذلك ينطبق على التكايا الخيرية التي تعتبر المصدر الأول لوجبات الطعام لدى الشريحة الأكبر من سكان القطاع”، مشيرًا إلى أن التكايا تخدم ما يقارب المليوني فلسطيني بمختلف مناطق القطاع.
وأضاف “بسبب الحرب فإن جميع سكان القطاع يعتمدون بشكل أساسي على الطرود الغذائية والمساعدات الإنسانية والتكايا الخيرية، وإغلاق المعابر حرمهم من ذلك”، مشددًا على أن استمرار إغلاق المعابر يمثل حكمًا بالموت على آلاف السكان.
وأشار إلى أن “الجهات المختصة رصدت مخاوف من عودة شبح المجاعة خاصة مع إغلاق عدد من المخابز والتكايا الخيرية وصعوبة حصول السكان على الطرود الغذائية وعدم قدرتهم على شراء السلع من الأسواق في ظل ارتفاع ثمنها”.
واستكمل “سنكون أمام كارثة غير مسبوقة في حال لم تتراجع إسرائيل عن قرار إغلاق المعابر، وستمتد هذه الكارثة لمختلف القطاعات خاصة الصحية والبيئية”، مشددًا على ضرورة التدخل الدولي من أجل الحيلولة دون ذلك.